الذكرى 68 لاستشهاد البطل العقيد زيغود يوسف المدعو سي أحمد قائد الولاية التاريخية الثانية
احيت الجزائر الذكرى ال68لاستشهاد البطل العقيد زيغود يوسفعضو مجموعة الـ22ـ التاريخية المفجرة لثورة أول نوفمبر1954 ومهندس هجومات الشمال القسنطيني
من أبطال الجزائر وأحد رجالتها الأفذاذ لعب دوراً ريادياً في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي، تميز بذكائه الخارق، وظلت سيرته،وجهاده وعبقريته نوراً يسطع ويتجدد عبر الأجيال، يصفه المؤرخون على أنه هو من غير مجرى تاريخ الثورة الجزائرية المظفرة بتصميمه لخطة هجومات 20أوت1955، هذه الهجومات التي تعتبر المنعرج الرئيس في اكتساب الثورة الجزائرية طابعها الشعبي، وأعطت ضربة قاسية للاحتلال الفرنسي الذي حاول القضاء على الثورة في عامها الأول حتى لا ينتشر لهيبها مختلف أنحاء القطر الجزائري، ومنحت هجومات20أوت1955م بعداً دولياً للثورة الجزائرية، وعجلت بدخول القضيىة الجزائرية إلى الأمم المتحدة.
المولد والنشأة: ولد زيغود يوسف يوم 18 فيفري 1921 بدوار الصوادق بلدية سمندوSMENDOU واليوم تحمل اسمه تخليدا لذكراه بلدية زيغود يوسف مقر الدائرة ولاية قسنطينة.
عاش طفولته يتيم الاب ببيت جده والد أمه غرابي محمد الطاهر، التحق بالمدرسة القرآنية ثم التحق بالمدرسة البلدية الفرنسية للأهالي، اجتاز امتحان الشهادة الابتدائية بمركز الحروش بامتياز، غير أنه غادر المدرسة لان الادارة الاستعمارية لم تكن تسمح لأبناء الجزائريين من تجاوز هذا المستوى، بعدها اختار مهنة الحدادة، بمحل المعمر بول بونارد فتدرب على يده وأصبح بارعا فيها وصار شريكا له في المحل.
نشاطه السياسي: يمتد نضال البطل زيغود يوسف منذ التحاقه بصفوف الكشافة الإسلامية إلى انخراطه في صفوف حزب الشعب الجزائري وعمره لا يتجاوز السابعة عشر، متأثرا في تلك الاثناء بنشاط الدكتور بن جلول محمد الصالح وانتشار الفكر الباديسي وعدة شخصيات سياسية وفكرية بالجهة، وقد أصبح المسؤول الأول لحزب الشعب الجزائري بناحية سمندو، واستمر في نشاطه السياسي متحديا غطرسة الاستعمار، واكتسب خلال هذه الفترة تقدير رفاقه نتيجة لما امتاز به من سلوك حميد، فتحمل مسؤولية التنظيم، فكون رجالا مناضلين، شحنهم بالعزيمة والروح النضالية العالية.
إشرافه على تنظيم مظاهرات الثامن ماي 1945 بسمندو: أسندت له مهمة الإشراف على مظاهرات 8 ماي 1945 السلمية بناحية سمندو ونجح في تنظيمها حيث قام أثناءها بإخفاء 24 بندقية بمنزله وعقد في هذا الشأن اجتماعا بمسجد القرية، تحددت فيـه خطة المسيرة واللافتات المحمولة، والراية الوطنية. وساعدته زوجته عائشة التي تعتبر هي أول من قام بخياطة الراية الجزائرية في المنطقة، وفي سنة 1947 برز زيغود يوسف كمرشح حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، في القوائم الانتخابية لبلدية سمندو إذ فاز في هذه الانتخابات فوزا ساحقا، رغم مكائد الإدارة الاستعمارية، ليصبح نائبا لرئيس بلدية سمندو من عام 1947حتى سنة 1949. نشريات متحف المجاهد تيسمسيلت
انضمامه الى صفوف المنظمة الخاصة واعتقاله: في غمرة نشاطه النضالي وتطلعاته واتصالاته بالمسؤولين الكبار في المنظمة السرية لحركة انتصار للحريات الديمقراطية، أشرف زيغود يوسف على تنظيم هذا الجهاز السري في بلدته، وإثر اكتشاف أمر المنظمة الخاصة خلال سنة 1950 تم اعتقال زيغود يوسف بتاريخ 22/03/1950، ونقل إلى سجن عنابة، وحكم عليه بـ20 سنة سجنا.
فراره من السجن: في انتظار المحاكمة، كان المناضل القائد يفكر في طريقة التخلص من السجن، إذ دبر عملية للهروب من السجن وخطط لها، وبعد محاولة الفرار الأولى التي فشلت اهتدى “زيغود” إلى ضـــرورة صنع مفتـــاح لبــاب السجن، فصنع بنفسـه المفتاح بصفته يتقن الحدادة وبعد حصوله على قطعة حديدية من مرحاض السجن تمكن من صقلها وتحويلها الى مفتاح، فتح به باب زنزانة السجن، ,احدث فتحة في السقف الخارجي لتمكن من الفرار من السجن ليلة 21 افريل 1950، ولم تفلح استخبارات العدو من تحــديد المكان اختفاء زيغود يوسف ورفاقه الثلاثة، وظل الشهيد يتنقل في سرية تامة، من موقع إلى آخر بين الصوادق والداموس، وهي أماكن جبلية حصينة، وهناك عالج جروحه التي اصيب بها أثناء الفرار.
نشاطه قبل وأثناء الثورة التحريرية والتخطيط لهجومات 20 أوت 1955: بعد التحضير لاندلاع الثورة التحريرية وجمعه كمية من الأسلحة والذخيرة من مدينة قسنطيـنة استعدادا ليوم الفصل، كان من بين قادتها الاوائل تحت اشراف الشهيد ديدوش مراد على رأس المنطقة الثانية المسماة بالشمال القسنطيني، والذي خاض معه معركة وادي بوكركر في 18 جانفي 1955، واثر استشهاد ديدوش مراد خلفه على راس قيادة المنطقة وواصل بلاءه بتفان حتى جاء صيف 1955 أين أشرف على التنظيم والإعداد لهجومات 20 أوت 1955 الذي يعتبر مهندسها الاول والأخير حتى اقترنت باسمه، وقال كلمته الحاسمة يوم عزم القيام بالهجومات: “الـيوم أصبحـت القضيـة قضـية حيـاة أو مـوت، ففي أول نوفمبر كانت مسؤولياتنا تنحصر في تحرير الوطن، وتنفيذ الأوامر، لكن اليوم وجب علينا أن نختار إحدى الطرقتين: إما أن نشن غارات عامة، يحدث من خلالها الانفجار الشامل، وبالتالي نحث كل الجهات على مضاعفة عمليـــاتها ويذاع صوت كفاحنا بكل صراحة على المستويين الداخــلي والخــارجي، وإما أن يكون هذا بمثابة برهان بأننا عاجزون على أن نــقود هـــذا الشـــعب إلى الاستقــــلال، وبهذا نكــون قد قـــاتــلنا إلــى آخـر مرة، وتكـون في النهاية عملية انتحارية”.
مشاركته في مؤتمر الصومام: شارك زيغود يوسف بفعالية في مؤتمر الصومام التاريخي 20 أوت 1956 هذا اليوم الذي يمثل الذكرى الأولى لهجومات 20 أوت 1955 في الشمال القسنطيني، الذي أرسى قواعد تنظيم الثورة التحريرية، وانبثقت عنه لجنة التنسيق والتنفيذ، وكذا المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي كان الشهيد أحد أعضائه المؤسسين.
بعد عودته من المؤتمر يوم 08/09/1956 باشر العمل بما تم الاتفاق عليه في المؤتمر، بتنصيب الهياكل الجديدة، وشرح القرارات للقاعدة النضالية للثورة، زيادة على ذلك تقرر أن يتوجه إلى الولاية الأولى بالأوراس، في مهمة كلف بها من طرف المؤتمر، وعقد عدة اجتماعات مع أقرب مساعديه، ليُوصل إليهم ما تم الاتفاق عليه، وعند عودته زار عائلته ومكث معها ثلاثة أيام، وبعد انقضاء إجازته، غادر دوار الصوادق واتجه إلى مشتة شرشال بنفس الدوار ثم انتقل إلى سطيحة قرب سيدي مزغيش.نشريات متحف المجاهد تيسمسيلت
وبعد سلسلة من الاجتماعات والأعمال، التي استغرقت شهرا كاملا، في نواحي الولاية الثانية، توجه زيغود يوسف الى مقر الولاية الأولى بالأوراس الذي كان موجودا بنواحي وادي زهور قرب الميلية، فإذا بـالبطل زيغود يوسف يواجه قوات العدو فيسقط شهيدا.
استشهاده: بمشتة الخربة بدوار الحمري بالقرب من سيدي مزغيش بولاية سكيكدة عقد اجتماعا، بعــد أن ســرح قوة المجاهدين التي رافقته البالغ عددها 400 مجاهد ومنح جنوده إجازة قصيرة، ولم يبق معه إلا نفر قليل من جنده البواسل حوالي 08 مجاهدين، وفي صباح يوم 23 سبمتبر1956 علم العقيد زيغود يوسف بتمركز قوات العدو بإحدى المناطق المجاورة بناحية الغرب، فظن أنها عملية مسح للجبل القريب من مكان تواجده، فاختار التسلل مع من كان معه إلى أحد الوديان بهدف تفادي الاشتباك، حفاظا على سلامة السكان، غير أن قوات العدو المتكونة من فرقة كـــومندوس من الفيلق الأول للفرقة الرابعة اعتقلت أربع مناضلين من المناطق المجاورة، واكتشف أمر مجاهدين مخبئين بالأحراش وحين لاذوا بالفرار تعقبتهم قوات العدو دون إطلاق النار عليهم، واتجهت قوات العدو إلى المنخفض الذي كان يسير فيه زيغود يوسف ورفاقه، وحينها وقع ما لم يكن في الحسبان ووقع الاشتباك وكان البطل زيغود يوسف أول من أصيب بجروح.
ورغم اصابته فقد استبســل في مقاومة شرسة، وأتلف ما استطاع من الوثائق، ووسط النيران الكثيفة تفرق المجاهدون، ورغم قلة عدد المجاهدين وعدتهم فقد أحدثوا خسائر فادحة في صفوف قوات العدو.
انتهى الاشتباك، واستشهد الأبطال التسعة في ميدان الشرف وهم: العقيد زيغود يوسف، بوجمعة لمباردي، عبد الله شاوش، عبد الله لعليوي، الساسي حداد، بوجمعة حسين، أحمد رامول، بورحالة الحواس. استشهد القائد البطل “زيغود يوسف” بعد أن قام بواجبه المقدس حتى آخر لحظة من حياته،وقد لقي استشهاده صدى عميقا في أوساط جيش التحرير وأفراد الشعب.
رابح أعراب