رحيل الشيخ رحالي.. رمز الدعوة للوسطية والاعتدال

رحيل الشيخ رحالي.. رمز الدعوة للوسطية والاعتدال

انطفأت، صبيحة أمس الخميس، شمعة أخرى من شموع الدعوة الإسلامية والوسطية والاعتدال في الجزائر والوطن العربي، برحيل شيخ الدعاة “نعيم رحالي”، عن عمر ناهز 85 سنة، بعد صراع مرير مع مرض أقعده لأكثر من عامين، ليكون برحيله قد بصم على خسارة أخرى تكبّدها الحقل الديني والتربوي ليس بوهران فقط بل في الجزائر ككل، كيف لا وهو الذي يصنفه المتتبعون من دعاة العصر الحديث، وصاحب علم غزير ومؤلفات قيمة، تحمل عصارة سنوات من الدعوة والإمامة، رحل الشيخ “نعيم” تاركا فراغا في الساحة وحزنا عميقا بالنفوس. العلامة الفقيد رثاه الكثير من الأئمة والدعاة عبر الفضاء الأزرق وحتى بمنابر المساجد، الكل وقف لهذا الرجل وقفة إجلال وتقدير لكل ما قدمه في سبيل العلم والدين، حيث خلف الرجل 15 كتابا، أبرزها “من ثمرات العقيدة الصحيحة” وكتاب “قصة حياتي” الذي جمع فيه أهم محطات حياته، خاصة علاقته برجال الدين والعلم في صورة أبيه الروحي الشيخ “الطيب المهاجي”، ومعلميه الشيخ “علي حماني” والشيخ “الزناتي” وغيرهم من المشايخ. الراحل من مواليد 1939 بمنطقة رأس الماء التابعة إداريا لولاية سيدي بلعباس، حفظ القرآن باكرا، وكانت له فرصة الاحتكاك بالمشايخ وأئمة عصره، ليواصل البحث وطلب العلم في الجزائر والمغرب، إلى أن حان موعد التحاقه بجيش التحرير الوطني وكان ذلك سنة 1955، معتبرا أن رسالة الدين لا تكتمل إلا برسالة الجهاد والتضحية، إلى أن ساهم رفقة إخوانه المجاهدين في إخراج العدو من الجزائر. بعدها وفي عهد الاستقلال، درس بالمعهد الإسلامي سنة (1963)، وكلية الآداب سنة (1973)، ليلتحق بالتدريس في تخصص مادة اللغة العربية في الأطوار المختلفة، كما اشتغل كإمام في مدينة عين تموشنت في مسجد “الإمام علي”، لينتقل بعدها إلى مدينة وهران، تحديدا بمسجد “زين العابدين” الذي عمل على تنويره بالنشاطات المكثفة في سبيل تنوير العقول وشحذ الهمم، وخاصة مقاومة التطرف والسير على نهج الوسطية الجامعة المانعة. وكانت له مساهمة فعالة في تكوين الدعاة وتقديمهم للمنابر، لنشر الدين والصلاح في المجتمع والتسامح، خاصة في العشرية السوداء التي اختلط فيها الحابل بالنابل، ولم يعد التفريق بين الصالح والطالح سهلا، وهو ما جعله رفقة الأعلام الآخرين ممن عايشوه يساهمون في إصلاح المجتمع، حيث كانت لمستهم واضحة في نشر الأفكار الصحيحة والسمحاء وتقريب المفاهيم بين أفراد المجتمع الواحد. رحل الشيخ “نعيم رحالي” في صمت، تاركا وراءه زخما من المؤلفات النافعة، ليتم تشييع الفقيد بعد صلاة الجمعة بمقبرة “بلقايد” والتي أوصى بأن يدفن بها وأن يصلى عليه في مسجد “زين العابدين” الذي قضى فيه سنوات من العمر.

زينب مداني

wbc-medea

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *