مشاكل إدارة السمعة في المؤسسات الحكومية: خمسة تحديات رئيسية وحلول مقترحة

مشاكل إدارة السمعة في المؤسسات الحكومية: خمسة تحديات رئيسية وحلول مقترحة

يتناول بحث “Public Sector Organizations and Reputation Management: Five Problems” للباحثان من جامعة أوسلو Arild Wæraas & Haldor Byrkjeflot التحديات التي تواجه المؤسسات الحكومية في إدارة سمعتها، خاصة في ضوء تبنيها مفاهيم إدارة السمعة المستمدة من القطاع الخاص. يقدم الباحثان خمسة مشاكل رئيسية تواجه هذه المؤسسات في سعيها لتحسين سمعتها، ويقترح هذا المقال حلولاً ممكنة لهذه التحديات. لطالما ارتبطت صورة المؤسسات الحكومية بسمعة سلبية، حيث ينظر إليها على أنها بيروقراطية، بطيئة، وغير فعالة. هذه الصورة السلبية تعززها انخفاض مستويات الثقة في الحكومة، والانتقادات الموجهة لدوافع الخدمة العامة، وتراجع الاهتمام بالعمل في القطاع الحكومي. على الرغم من ذلك، تسعى العديد من الحكومات والمؤسسات العامة إلى تحديث القطاع العام وتبني نماذج مستوحاة من القطاع الخاص، بما في ذلك إدارة السمعة، بهدف استعادة ثقة الجمهور. يؤكد البحث على أن تطبيق “وصفة” إدارة السمعة، كما هو موضح في أدبيات الإدارة، ليس مهمة سهلة بالنسبة لمعظم المؤسسات العامة، وذلك بسبب سياق عملها المختلف عن القطاع الخاص.

يشير البحث إلى أن إدارة السمعة تعني إدارة التصورات التي تشكل سمعة المؤسسة. يتضمن ذلك تحديد هوية المؤسسة المرغوبة، وتقييم الهوية الحالية، وتحليل الفجوة بينهما، وتطوير برنامج لتقديم الذات التنظيمي من أجل التأثير على تصورات الجمهور. تهدف هذه العملية إلى خلق رابطة بين المؤسسة والجمهور، تعتمد على مشاعر ومعتقدات الجمهور حول المؤسسة.

المشاكل الخمسة والحلول المقترحة: مفهوم إدارة السمعة: مشكلة السياسة: ترتبط هذه المشكلة بالطبيعة السياسية للمؤسسات الحكومية. فجميع المؤسسات العامة، بشكل أو بآخر، مرتبطة بمستوى سياسي أعلى.

التحدي: تقوم السلطات السياسية بوضع السياسات الجديدة، بينما الجهاز الإداري مسؤول عن تنفيذها. وهذا يعني أن جوانب رئيسية من هوية المؤسسات العامة محددة مسبقًا، مما يحد من حرية المديرين العامين في تطوير استراتيجيات إدارة السمعة. كما أن المؤسسات العامة ملزمة بتنفيذ المهام الموكلة إليها من قبل الجهات السياسية، بغض النظر عن مدى تقبل الجمهور لهذه المهام. وأخيرًا، فإن التدخل السياسي في كيفية إدراك الجمهور للمؤسسات العامة، خاصة خلال الحملات الانتخابية، يشكل تحديًا لإدارة السمعة. تعزيز الشفافية والمساءلة في عمل المؤسسات الحكومية. بناء جسور تواصل فعالة مع الجهات السياسية لشرح أهداف ومبررات استراتيجيات إدارة السمعة. التركيز على إبراز دور المؤسسة في خدمة المصلحة العامة، بغض النظر عن السياسات المطبقة. تطوير آليات للتعامل مع الانتقادات السياسية بشكل بناء يحمي سمعة المؤسسة. “جميع المؤسسات العامة، بشكل أو بآخر، أدوات للهيئات المنتخبة في تنفيذ السياسات العامة.” مشكلة التناسق: تواجه المؤسسات العامة صعوبة في تحقيق التناسق في قيمها وهويتها، نظرًا لمسؤولياتها المتعددة والمتناقضة أحيانًا. التحدي: العديد من الهيئات العامة تتميز بهويات متعددة، حيث تُزرع قيم مختلفة داخل هياكل مؤسسية مختلفة، وتُنقل قيم مختلفة إلى جماهير مختلفة.

الحلول المقترحة: تطوير رؤية ورسالة وقيم مشتركة للمؤسسة ككل، مع مراعاة التنوع في الوظائف والمسؤوليات. تعزيز ثقافة التعاون والتواصل بين مختلف الإدارات والأقسام. توحيد الرسائل الموجهة للجمهور من خلال قنوات الاتصال المختلفة. تدريب الموظفين على القيم المشتركة للمؤسسة وكيفية تجسيدها في عملهم. مشكلة الجاذبية: في ظل مجتمع يبحث عن التجارب ويهتم بالعواطف، تواجه المؤسسات العامة صعوبة في خلق جاذبية عاطفية. التحدي: الانتقادات الموجهة للبيروقراطية الحكومية وتراجع صورتها العامة يصعب من مهمة بناء الجاذبية. ترتبط صورة العديد من المؤسسات العامة بالأخبار السلبية، مما يجعل من الصعب ربطها بالعواطف الإيجابية. الحلول المقترحة: “تتميز المؤسسات العامة عادةً بهويات متعددة.” إبراز القصص الإيجابية والتجارب الناجحة للمؤسسة من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. التركيز على البُعد الإنساني في عمل المؤسسة وإبراز تأثيرها الإيجابي على حياة المواطنين. تنظيم فعاليات ومبادرات مجتمعية لتعزيز التواصل مع الجمهور. “العديد من المؤسسات العامة تواجه مشاكل خطيرة في الارتباط بالأخبار الإيجابية.” مشكلة التفرد: يُعتبر التفرد سمة أساسية للمؤسسات ذات السمعة القوية. التحدي: المؤسسات العامة، نظرًا لخصائصها المشتركة ككيانات سياسية وهيكلية وقائمة على القواعد، غالبًا ما يُنظر إليها على أنها متشابهة أكثر من كونها فريدة. حتى مع وجود اختلافات كبيرة بين المؤسسات العامة من حيث الحجم والوظائف والانفتاح والثقافة التنظيمية، فإنها تجد صعوبة في إيصال هذه الاختلافات. الحلول المقترحة: التعاون مع المؤثرين والمشاهير لتحسين صورة المؤسسة. تحديد نقاط القوة والتميز التي تميز المؤسسة عن غيرها من المؤسسات الحكومية. تطوير هوية بصرية وفنية خاصة بالمؤسسة تعكس شخصيتها وقيمها. التواصل بشكل فعال مع الجمهور حول الخدمات الفريدة التي تقدمها المؤسسة. بناء شراكات استراتيجية مع جهات أخرى لتعزيز التفرد والتأثير. “بالنسبة لمعظم الناس، تبدو المؤسسات العامة متشابهة أكثر من كونها فريدة.” مشكلة التميز: يسعى مديرو السمعة إلى تحقيق التميز، كما هو محدد في التصنيفات المعروفة للسمعة، مثل نموذج RepTrak. التحدي: قد لا يكون هذا الهدف في متناول معظم المؤسسات العامة بسبب القيود المفروضة على طريقة عملها، وغرضها، ومهمتها. تحديد معايير واقعية لقياس التميز في أداء المؤسسة ومستوى رضا المواطنين. الاستثمار في تطوير قدرات الموظفين وتحسين جودة الخدمات المقدمة. تبني أفضل الممارسات في إدارة السمعة وتكييفها مع سياق القطاع العام. إجراء مسوحات دورية لقياس رضا المواطنين وتحديد نقاط التحسين. ختاما، إدارة السمعة في القطاع العام تتطلب فهمًا عميقًا لسياق عمل هذه المؤسسات والمشاكل المذكورة أعلاه. ينبغي على المديرين العامين تبني نهج واقعي لإدارة السمعة، والتركيز على بناء الثقة والشفافية وتعزيز التواصل مع الجمهور، وهذا أكثر أهمية من السعي لتحقيق التميز في السمعة. من خلال تطبيق الحلول المقترحة ومعالجة التحديات بشكل بناء، يمكن للمؤسسات الحكومية تحسين سمعتها وكسب ثقة الجمهور.

أحمد لونيسي

wbc-medea

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *