كيف يتم التعرف على الجثث مجهولة الهوية وماهي الأشياء التي ترفع منها وترسل للمختبر لفحصها من أجل التعرف عليها ؟
بطبيعة الحال سنتوفى يوما ما لكن لسوء الحظ، فإن هناك أناس يتوفون بظروف تجعل التعرف على هوياتهم صعبة جدا. عند عدم القدرة على التعرف على شخص ما بعد وفاته فإنه يعرف بشخص مجهول الهوية، والتعرف على هوية الجثة يشكل أهمية كبرى، ابتداءا من الأمور القانونية وصولا لمراعاة مشاعر أحبائه.
أولا: إذا بقيت الجثة دون التعرف عليها لفترة طويلة، فإن الشرطة قد تجري ما يسمى “البحث العائلي” الذي يتضمن البحث عن الوالدين أو الأولاد أو حتى الأقارب للشخص المتوفى ضمن السجلات الجنائية، ويمكن لأفراد عائلة الشخص الغائب أن يعطوا عينات من الحمض النووي له من بقايا أشياء تابعة له التي قد تقود للتعرف عليه.
ثانيا: فحص الحمض النووي للمتقدرات أو الميتوكوندريا في الجثة:
هناك نوع آخر من الحمض النووي يسمى الحمض النووي المتقدري، الموجود خارج نواة الخلية في الجزء المسؤول عن توليد الطاقة للخلية «الميتوكوندريا أو المتقدرات».
تستخدم هذه الطريقة في حال تخرب الحمض النووي بصورة كبيرة، ومن ثم فإن استخراج الحمض النووي من الميتوكوندريا يساعد بشدة في التعرف على هوية الجثة، لقد تطورت إمكانية الغوص ضمن الحمض النووي في المتقدرات تطورا كبيرا في السنوات الخمس الأخيرة.
الشيء الجيد بخصوص الحمض النووي المتقدري وجود كثير منه، لكن الشيء السيء هو أنه لا يحدد هوية الجثة كشخص بذاته بدقة، لأن المتقدرات أساسا موروثة من الأم، ومن ثم سوف تكون متطابقة في جميع الأفراد المشتركين في الأم، لكن تبقى هذه الطريقة مرجعا مهما لمعرفة بعض المعلومات عن أي منطقة جغرافية من العالم تعود هذه الجثة.
ثالثا: تحليل البصمات لتحديد هوية الجثة:
المعروف أيضا باسم «تحليل النتوءات» ويقصد بها النتوءات الموجودة بصورة متسلسلة ومميزة على أصابع الجثة. ولكن تبقى الاستفادة من هذه الطريقة مرتبطة أيضا بوجود البصمات في السجلات قبل وفاة الشخص.
رابعا: تحديد هوية الجثة باستخدام السجلات السنية:
يعرف هذا النوع بالطب الشرعي السني، فإن الأسنان تعد أحد أكثر الوسائل الموثوقة في التعرف على هوية الجثة فضلا عن ديمومة القدرة على الاستفادة منها لوقت طويل بعد الوفاة. إذ تعد بنية وترتيب الأسنان مختلفة في كل شخص عن الآخر، لذا تقارن السجلات السنية قبل الوفاة وبعد الوفاة، وفحص بدلات الأسنان والترميمات أيضا يعطي معلومات مفيدة جدا في التعرف على هوية الجثة لكون أنسجة الأسنان هي الأقسى عند الإنسان، والأكثر مقاومة للصدمات والانحلال والانغمار بالماء والاحتراق بالنار.
مع التنويه أنه بعد سن معين لا يحدث تغير ملحوظ في أسنان الشخص سوى أنها تتساقط أو ترمم.
خامسا: التعرف على هوية الجثة عبر الزراعات الطبية:
في حال حصولك على رقم تسلسلي لجهاز معدني ومطابقته مع الرقم لصفيحة أو زرعة معروفة لدى الشخص المفقود فيمكننا الجزم بأن الجثة تعود له. إذ يمكن الاستفادة من الرقم التسلسلي للزراعات في الحصول على معلومات عديدة منها “اسم الجراح” الذي أجرى العملية و”تاريخ إجراء الزرع” والأهم من ذلك “هوية الشخص المزروع” لديه هذا الجهاز. توصي القوانين في بعض الدول إلى وجوب وضع رقم تسلسلي للأجهزة الطبية المزروعة ضمن أجسام المرضى.
سادسا: التعرف البصري المباشر لتحديد هوية الجثة:
يعد مظهر الشخص مؤشرا جيدا لتحديد هويته، ولا يمكن الاعتماد على هذا المعيار دائما خاصة إذا كانت الجثة في حالة سيئة كضحايا الكوارث الكبيرة أو الزلازل أو الهجمات الإرهابـ..ية.
وفقا لكلية الشرطة، فإن التعرف البصري على هوية الجثة لا يعد معيارا موثوقا ويجب اعتماده فقط عند تعذر استخدام الطرق الأخرى، لأن التغيرات التي تحصل على جثة الشخص بعد الوفاة تجعل التعرف عليه ليس بالأمر السهل، ويعتمد ذلك على الحالة التي حفظت بها الجثة.
على أية حال، تبقى هناك علامات فارقة تعطي دليلا واضحا عن الهوية كالوشم المميز أو شهادة الميلاد والندبات المعروفة مسبقا.
مع تطور الأدوات والوسائل يمكننا القول أننا قادرون على التعرف على هوية الأشخاص المتوفين منذ آلاف السنين، إذ يتابع الطب الشرعي تقدمه آملا أن يتعرف على الجثث المجهولة وجعلهم أكثر قربا من أحبائهم.
زينب مداني