صلاة التراويح: سنة مؤكدة و فضل عظيم في ليالي رمضان

تُعد صلاة التراويح من أبرز مظاهر شهر رمضان المبارك، حيث يتوافد المسلمون إلى المساجد لأداء هذه الصلاة التي تجمع بين روحانية العبادة و جمال الاجتماع.
وقد حث النبي محمد صلى الله عليه و سلم على قيام رمضان، و رغب فيه، و جعل له فضلًا عظيمًا.فضل صلاة التراويح:
• مغفرة الذنوب: قال النبي صلى الله عليه و سلم: “من قام رمضان إيمانًا و احتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).
• أجر قيام الليل: قال النبي صلى الله عليه و سلم: “من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة” (رواه الترمذي).
• التقرب إلى الله: صلاة التراويح فرصة عظيمة للتقرب إلى الله تعالى و زيادة الإيمان.
• اجتماع المسلمين: تجتمع قلوب المسلمين في صلاة التراويح، و تزيد من روح الأخوة و التآلف بينهم.
• الاستماع إلى القرآن الكريم: في صلاة التراويح، يستمع المسلمون إلى القرآن الكريم بتدبر و خشوع، مما يزيد من نور الإيمان في قلوبهم.
• مضاعفة الأجر والثواب: صلاة التراويح في جماعة لها من الأجر و الثواب أضعاف ثواب صلاة الفرد، لقوله – صلى الله عليه وسلم -: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ الفَذِّ بسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً). و قال – صلى الله عليه وسلم -: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا).
• الاستماع إلى الدروس: حيث تكثر دروس الوعظ الإرشاد في أثناء صلاة التراويح، و هي دروس قصيرة هدفها تعليم أحكام الصيام، و التذكير بفضائل الشهر الكريم، و فضل الاستماع لدروس عظيم كما قال – صلى الله عليه وسلم -: (وَ ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَ غَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَ حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ). و في حديث آخر بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أهمية أن يحضر المسلم دروس العلم في المسجد فقال: (من غدا إلى مسجدٍ لا يريدُ إلا أن يتعلَّمَ خيرًا أو يُعلِّمَه، كان له كأجرِ حاجٍّ، تامًّا حجَّتُه).
• تفقد أحوال المسلمين: الاجتماع في رمضان على صلاة التراويح سبب في التعرف على حال المسلمين، وتفقد حاجياتهم، فيتعرف المصلي على حال إخوته، فيزور المريض، أو يتفقد الفقير، و هذا كله يثاب عليه، و قد حذر النبي – صلى الله عليه وسلم – من إهمال أحوال الجيران فقال: (أيُّما أهلُ عَرصةٍ أصبح فيهم امرؤٌ جائعٌ فقد برئت منهم ذمةُ اللهِ تعالى).
• الفوز بأجر الذهاب إلى المسجد في رمضان: يستكثر المسلم من أعمال الخير، و منها الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، و هي من الأعمال التي يثاب عليها المسلم، فقد قال – صلى الله عليه وسلم -: (أنَّ أَحَدَهُمْ إذَا تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ لا يَنْهَزُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَّا رُفِعَ له بهَا دَرَجَةٌ، وَ حُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، حتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ).
• الفوز بأجر انتظار الصلاة: يقول – صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كانَ في الصَّلَاةِ ما كَانَتِ الصَّلَاةُ هي تَحْبِسُهُ، وَ الْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ علَى أَحَدِكُمْ ما دَامَ في مَجْلِسِهِ الذي صَلَّى فيه يقولونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ تُبْ عليه، ما لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، ما لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ).
تاريخ صلاة التراويح:
• كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي التراويح بأصحابه في المسجد، ثم ترك ذلك خشية أن تفرض عليهم، كما روت ذلك السيدة عائشة رضي الله عنها: «أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ لَيْلَةً مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، و صَلَّى رِجَالٌ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ، حتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ».
• في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جمع الناس على إمام واحد، وهو أبي بن كعب رضي الله عنه، وصلى بهم في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
• استمرت صلاة التراويح في جماعة في المساجد حتى يومنا هذا، و أصبحت من السنن المؤكدة في شهر رمضان.عدد ركعات صلاة التراويح:
• لم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم عددًا معينًا لركعات صلاة التراويح، و إنما كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبي ﷺ لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلي ثلاثا».
• يجوز للمسلم أن يصلي ما شاء من الركعات، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “له أن يصلي عشرين ركعة، كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي، و له أن يصلي ستا و ثلاثين، كما هو مذهب مالك، و له أن يصلي إحدى عشرة ركعة، وزثلاث عشرة ركعة”.
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى”.
آداب صلاة التراويح:
– المشي إلى المسجد بسكينة ووقار.
– الانشغال بذكر الله وقراءة القرآن في المسجد.
– تسوية الصفوف وسد الفرج.
– الخشوع في الصلاة و الطمأنينة في الركوع والسجود
.- تجنب العجلة في الصلاة.
– الإصغاء و الإنصات لدروس الوعظ و الإرشاد التي تلقى في المساجد.
– تفقد أحوال المسلمين والسعي في قضاء حوائجهم.
التراويح في المساجد الجزائرية:
تشهد المساجد الجزائرية في شهر رمضان إقبالا كبيرا من المصلين لأداء صلاة التراويح، وتتميز بعض المساجد بأجوائها الروحانية وجمالها المعماري، ومن أبرز المساجد التي تقام فيها صلاة التراويح:
أجمل المساجد التي تقام فيها صلاة التراويح في الجزائر
تقام صلاة التراويح في جميع مساجد الجزائر في شهر رمضان، وتتميز بعض المساجد بأجوائها الروحانية وجمالها المعماري. ومن أجمل المساجد التي تقام فيها صلاة التراويح في الجزائر:
• الجامع الكبير في الجزائر العاصمة: يعتبر من أقدم وأعرق المساجد في الجزائر، ويتميز بفنه المعماري الإسلامي الأصيل، ويشهد إقبالًا كبيرًا من المصلين في شهر رمضان.
• مسجد كتشاوة في الجزائر العاصمة: يقع في قلب القصبة، ويتميز بتصميمه العثماني الفريد، ويعد من أهم المعالم التاريخية في المدينة.
• مسجد الأمير عبد القادر في قسنطينة: يعد من أكبر المساجد في الجزائر، و يتميز بفخامة تصميمه وزخارفه، و يستقطب أعدادًا كبيرة من المصلين في صلاة التراويح.
• مسجد عبد الحميد بن باديس في وهران: يتميز بطرازه المعماري الحديث و الزخارف الإسلامية الجميلة، و يعد من المساجد التي تشهد إقبالًا متزايدًا في شهر رمضان.
• مسجد حسان باي في وهران: مسجد عريق يرجع تاريخ بنائه إلى العهد العثماني ويتميز بطابعه المعماري الأندلسي.
• مسجد سيدي عقبة في بسكرة: يقع في مدينة بسكرة، ويعد من أقدم المساجد في الجزائر، و يتميز ببساطة تصميمه و عراقته التاريخية.
• مسجد سيدي الغمري في تلمسان: يتميز بفنه المعماري الإسلامي الأصيل، و يعتبر من أهم المعالم التاريخية في المدينة.
• مسجد الباي في معسكر: يعتبر هذا المسجد من أجمل المساجد في غرب الجزائر، ويتميز بفنه المعماري الاسلامي العريق.
هذه المساجد ليست سوى أمثلة قليلة، فهناك العديد من المساجد الجميلة الأخرى التي تقام فيها صلاة التراويح في جميع أنحاء الجزائر، والتي تتميز بأجوائها الروحانية وجمالها المعماري.صلاة التراويح فرصة عظيمة للمسلمين للتقرب إلى الله تعالى في شهر رمضان، وزيادة الإيمان، ونيل الأجر والثواب. فلنحرص على اغتنام هذه الفرصة، ولنجعل من ليالي رمضان نورًا يضيء قلوبنا، ويزيد من حسناتنا.
أمال سعاد سوداني